في ظل الحرب الدائرة بين إسرائيل من جهة، ولبنان، إيران، واليمن من جهة أخرى، تبرز مشاهد مقلقة في الإعلام العربي، حيث نلاحظ انحيازاً لبعض القنوات العربية لصالح الرواية الإسرائيلية، وهو أمر يصعب استيعابه في ظل تفاقم العدوان الإسرائيلي والممارسات الوحشية ضد الفلسطينيين وشعوب المنطقة.
من المفهوم أن تميل القنوات الغربية إلى دعم إسرائيل لأسباب تتعلق بالمصالح الجيوسياسية والتاريخية المشتركة، ولكن ما يثير الاستغراب هو هذا الانحياز الصارخ لبعض القنوات العربية، التي يتوقع منها أن تدافع عن قضايا الأمة وتدعم حقوق الشعوب المظلومة. يبدو أن بعض هذه القنوات تسعى لتجميل الصورة الإسرائيلية، متجاهلة الحقائق على الأرض، وتضع السم في العسل من خلال استضافة محللين وقادة عسكريين إسرائيليين لنشر أفكارهم الملوثة بين العرب والمسلمين.
الأخطر من ذلك هو أن هذه القنوات لا تكتفي بعرض الرواية الإسرائيلية، بل تساهم في قلب الحقائق، حيث تصور إسرائيل على أنها الطرف المعتدى عليه، وحركات المقاومة مثل حماس وحزب الله كأنها المسؤولة عن التصعيد. هذه المغالطات الإعلامية تسهم في تشويه وعي الشعوب، وتخلق حالة من الارتباك والتشويش حول من هو المعتدي ومن هو الضحية.
المؤسف حقاً هو أن بعض الكتاب والإعلاميين الخليجيين يظهرون على هذه القنوات وهم يوجهون الانتقادات والسباب للفلسطينيين وحزب الله، مما يعكس تحولات سياسية خطيرة في المنطقة. هذه المواقف ليست مجرد تعبير عن وجهات نظر شخصية، بل هي جزء من توجه أعمق نحو إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية، حيث باتت بعض الدول تبحث عن مصالحها مع إسرائيل على حساب قضايا الأمة العربية والإسلامية.
إن دور الإعلام العربي يجب أن يكون في خدمة الحقيقة ونصرة الحقوق العادلة للشعوب، وليس في تبرير العدوان أو تشويه الوقائع لصالح أجندات سياسية ضيقة. ما يحدث الآن يمثل تحدياً كبيراً للقيم والمبادئ التي قام عليها الإعلام العربي، ويطرح تساؤلات حول مستقبل الخطاب الإعلامي في ظل هذه التحولات.